السبت، 30 أغسطس 2008

مراحل الشعر الأندلسي

في عهد الولاة :

نشأ الشعر الأندلسي في عهد الولاة نشأة غامضة ، و كان صدى ضعيفا للشعر المشرقي تتردد فيه معانيه و أساليبه ، و من شعراء تلك الفترة : بكر الكناني ، و عبااس بن ناصح ، و عبيد اللع بن قرلمان ، و عبيديس بن محمود ، و محمد بن يحيي القلفاط ، و حسانة التميمية ، و يحيى بن حكم الغزال .
و مما زاد التأثير البغدادي في هذا العهد أنغام الجواري المشرقيات الائي حملن إلى الأندلس من مثل (( قمر )) و (( العجفاء )) ، و أوثار على بن نافع الملقب ((زرياب )) أو (( الطائر الأسود )) ، و قد فر من بغداد تخلصا من غيرة أستاذه (( إسحاق الموصلي )) ، و حمل إلى الأندلس طائفة كبرى من أنغام الشرق أصبحت في أصل الموسيقى الإسبانية على ممر العصور .
و قد ظهرت في هذا العصر الأراجيز التاريخية كما ظهرت الموشحات على يد شاعر ضرير هو (( مقدم القبري )) الذي عاش في أوخر زمن الولاة ، و انتشر شعر (( النوريات )) انتشارا شديدا إلى جنب الزهديات و التاريخيات و ما إلى ذلك .
في عهد بني أمية
و لما كان عهد بني أمية في الأندلس ازداد الشعر انتشارا ، لما أولاه الحكام من عناية ، و لما كان هنالك من حركة علمية و أدبية هي أشبه شئ بحركة أوائل العهد العباسي في الشرق ، و قد اشتهر من الشعراء إذ ذاك (( ابن عبد ربه 339 هـ صاحب العقد الفريد )) ،
و (( ابن هاني الإلبيري 362 هـ )) و (( الزبيدي 379 هـ )) و (( ابن ابي زمنين 398 هـ )) و (( المصحفي 372 هـ )) و (( ابن ادريس الجزيري 394 هـ )) و (( ابن دراج القسطلي 422 هــ )) و (( ابن برد 394 هـ )) و اشتهر في فترة الإنتقال من العهد الأموي إلى عهد ملوك الطوائف (( ابن شهيد 382 هـ )) و (( ابن حزم 384 ــ 456 هـ )) و هما من أظهر أعلام الثقافة الأندلسية ، و قد شهدا سقوط الخلافة الأموية و بكيا قصر الخلافة في قرطبة لما عراها من خراب و دمار .
في عهد الإمارات :
و ما إن انهارت الخلافة الأموية حتى تحولت بلاد الأندلس إلى إمارات تنافس فيه الحكام في طلب العلم ، و الأخذ بأسباب الأدب ، و تقريب الشعراء ، بل تنافسوا في نظم الشعر ، و كانوا يتراسلون فيما بينهم شعرا ، و يحاولون أن يعيشوا حياة شعرية ، و قد اشتهر في ذلك العهد (( المعتمد بن عباد صاحب اشبيلية 461 هـ 484 هـ )) و (( ابن زيدون 394 هـ 463 هـ )) و (( أبو بكر الشلبي 479هـ ))
و (( ابو بكر بن اللبانة الداني 507 هـ )) و (( ابو عبد الله محمد بن الحداد 480هـ )) و (( ابو محمد عبد الجليل بن وهبون المرسي 480 هـ )) و (( ابن صارة الشنتريني 517 هـ )) و (( ابو عبد الله محمد بن شرف البرجي 461 هـ ))
في عهد المرابطين :
و في عهد المرابطين انحط الشعر انحطاطا مشؤوما لأسباب شتى منها أن ذلك العهد كان قصيرا لم يتهيأ لأصحابع من الوقت ما يهذب خشونتهم و يرقق من أذواقهم ، ثم إن الثقافة في العهد السابق لم تكن من العمق و المتانة بحيث يتهيأ لها البقاء في هذا العهد ، زد على ذلك أن المشرق كان إذ ذاك في انهيار و لم يبق له على الأندلس إلا أثر ضئيل جدا ، فراح الشعر يتضاءل و يتلاشى و ينزه نزعة الزجل و التوشيح ، و انصرف نفر من أهل الحرص يجمعون الشعر الأندلسي خشية أن يضيع ، فوضع أبو الحسن علي بن بسام 542 هـ مجموعة (( الدخيرة في محاسن أهل الجزيرة )) و وضع ابو نصر الفتح بن خاقان القلاعي 1134م كتابه (( قلائد العقيان )) .
و قد تغلب في هذا العهد ذوق العوام ، و مال الشعر إلى كل ما هو سوقي ، و اتسم بسمة البذاءة ، و هكذا كان العهد (( عهد الهجاء اللاذع و السخر العنيف ، عهد المتحررين و المجان من الشعراء ، و عهد كبار الزجالين كذلك )) .
و قد اشتهر من الشعراء ابو إسحاق بن خفاجة 450 هـ و ابن أخته يحيى بن عطية بن الزقاق 529 هـ و هما من أهل جزيرة شقر ، و الأعمى التطيلي 520 هـ و ابن بقي 540 هـ و اشتهر في الشعر الزجلي ابن قرمان .
عهد الموحدين :
و كان عهد الموحدين عهد هدوء و سكينة ، كما كان عهد علم عرف ابن طفيل و ابن رشد و ابن عربي و زهر و ابن البيطار ، و اشتهر ابو عبد الله محمد بن غالب البلنسي المعروف بالرصافي 573 هـ و أبو بحر صفوان ابن ادريس الحميري صاحب (( زاد المسافر )) و ابو عبد الله محمد بن ادريس المعروف بمرج الكحل 634 هـ و اشتهر كذلك عدد من النساء اللواتي تعاطين القريض من مثل حفصة الركونية ، كما اشتهر ابراهيم بن سهل الإسرائيلي 649 هـ و أبو عبد الله بن الآبار القضاعي .
عهد بني الأحمر :
اما عهد بني الأحمر في غرناطة فكان عهد انحلال اشتهر فيه الوزير لسان الدين بن الخطيب 714 هـ و الوزير محمد بن يوسف الشريحي المعروف بابن زمرك 734 هـ و قد (( رددا أصداء الماضي المولى في نغم نادر الجمال و الروعة )) .
تلك هي المراحل التي مر بها الشعر الأندلسي ، و إننا نرى من خلال ها أن الشعراء قليلو العدد قبل القرن الحادي عشر ، و أن شعرهم تقليد للشعر العباسي في موضوعاته و أساليبه ، و قد ازداد عدد الشعراء بعد ذلك العهد و تضخم الإنتاج الشعري و ظهرت فيه الشخصية الأندلسية ، و النزعة الشعبية ، و إذا الشعر على ألسنة جميع الطبقات ، و إذا الحكام و الأمراء و الوزراء و أرباب الفقه و الأطباء و المتصوفون ، و إذا العميان و العمال و غيرهم يتعاطون القريض .

ليست هناك تعليقات: