الأحد، 17 أغسطس 2008

العرب أصحاب اللغة العربية







أصلهم و غموض تاريخهمالقديم :

العرب من الشعوب السامية ، و قد طمست معالم تاريخهم القديم ، و ليس التاسع إلا بعض النقوش المكتشفة حديثا في بلاد اليمن ،

و أقدمها يرتقي إلى القرن التاسع أو الثامن قبل اليلاد ، و هي لا تطلعنا إلا على النزر من أخبار أصحابها المعنيين و السبئيين و الحميريين .
اقسامهم :

يقسم العرب إلى قسمين كبيرين : العرب البائدة و العرب الباقية :

العرب البائدة :

هو الذين درست أثارهم من مثل عاد و ثمود وطسم

و جديس ، و قد عثر لهم العلماء ، بالقرب من تيماء ، في شمالي الحجاز ، على نقوش بالخط اللحياني

و الثمودي و الصفوي ، و هي تطلعنا على أن لغة تلك الشعوب تختلف عن لغة العرب في ما وصل إلينا من آدابهم .

العرب الباقية : و هم قسمان كبيران : القحطانيون و العدنانيون :

أما القحطانيون ـــ يسمون العرب العربة لأنهم أصل العرب ـــ فينسبون إلى عرب بن قحطان ، و هم اليمنيون المعروفون بعرب الجنوب .

و أما العدنانيون :

و يسمون العرب المستعربة لأنهم وفدوا إلى الجزيرة من البلاد المجاورة و اختلطوا بأهلها فتعربوا ــ فهم النزاريون او المعديون ، و يعرف منهم الحجازيون و النجديون و الأنباط و أهل تدمر .

اختلاطم :

أن أحوالا اقتصادية و سياسية دعت بعض قبائل الجنوب إلى هجر بلادها ، و لاسيما بعد انفجار سد مأرب المشهور نحو سنة 115 ق م و اندفاع السيل العرم الذي أغرق البلاد و أتلف الزرع و الضرع ، فنزح عدد كبير من تلك القبائل إلى الشمال ، قصد بنو ثعلبة بن عمرو يثرب و كان من بينهم الأوس و الخزرج ، و نزلت خزاعة مكة و أجلت جرهما عنها ، و نزل جفنة بن عمرو و بنوه الشام و سموا غساسنة نسبة إلى ماء هناك يدعى عسانا ، و توجهت فبيلة لخم بن عدي نحو الحيرة بالعراق ، و منها نصر بن ربيعة أبو الملوك الناذرة ، و حلت طيئ في الجبلين أجأ و سلمى إلى الشمال الشرقي من يثرب ، و هكذافرقت تلك القبائل في جميع الأنحاء حتى ضرب بها المثل فقيل (( تفرقواأيدي سبأ )) و أدى ذلك إلى اختلاط شديد بين عرب الجنوب و عرب الشمال بالجوار و المصاهرة و الحروب و التجارة ، و لكن ذلك الإختلاط لم يزل ما بين الفريقين من تنافر ظل دهرا من تنافر ظل طويلا حتي بعد ظهور الإسلام .

احوالهم الإجتماعية :

كان العرب قسمين : حضرا و بدوا .

الحضر :

أما الحضر فهم سكان القسم الجنوبي من الجزيرة ، كانوا يعيشون عيشة قرار ، و تغلب عليهم الحضارة ، و كانت حضارتهم مؤسسة على التجارة و الزراعة ، و قد انصرفوا إلى الصناعات ، فاشتهرت حبرهم ، المفوفة و برودهم و سيوفهم اليمنية ، و الجلود التي افتنوا في دبغها ، و الأفاويه و العطور التي حملوها إلى جميع البلدان .

و قد انشأوا المدن و الحصون و الهياكل ، و شيدوا القصور الشاهقة كقصر غمدان الشهير ، و كانت لهم ممالك في بلادهم الجنوبية و في غير بلادهم ، من أشهر ها مملكة حمير و منها التابعة الذي انتهت دولتهم بذي نواس سنة 525 ، و مملكة المناذرة اللخميين في العراق و قاعدتهم الحيرة ، و قد ملكوا من أوائل القرن الثالث الميلاد إلى الفتح الإسلامي ، و كانوا عمالا للفرس ، اشتهر منهم النعمان الأول ( 400 ـــ 418 ) يأتي الخورنق و السدير ، و المندر الثالث ( 505 ــ 554 ) و هو المعروف بابن ماء السماء ، و عمرو بن هند (554 ــ 569 ) الذي جعل الحيرة موئل الشعراء و الأدباء ، و مملكة الغساسنة ( أولاد جفنة ) في الشام و قاعدتهم جلق ، و كانوا عمالا للروم ، اشتهر منهم الحارث الثاني الملقب بالإعراج ( 529 ــ 569 ) المنتصر على الحيرة في (( يوم حليمة )) و الذي اجتمع ببابه عدد كبير من الشعراء .

ثم مملكة كندة في نجد و قد امتد سلطانها من نحو سنة 450 إلى نحو سنو 540 م ، و من نسل الكنديين الشاعر امروؤ القيس .

البدو :

و أما البدو فهم القسم الأكبر و قد انتشروا في شمال الجزيرة العربية ، و كونت البيئة الصحراوية حالهم الإجتماعية ، فاحتقروا الصناعة و الزراعة ، و عاسوا تحت الخيام على رعي الأنعام يطع

ون من لحمها و لبنها و يكتسون بصوفها و وبرها ، و يتتبعون مواقع المطر ، من مكان إلى آخر في طلب الكلاء و الماء ، و إذا احتاجوا إلى غير ما تنجه ماشيتهم تعاملوا من طريق البدل ، فاستبدلوا بالماشية و نتاجها ما يتطلبون من تمر و لباس ، او لجأوا غلى الغزو و السلب إن عضتهم الحاجة او دعاهم طلب الثأر و التشفي .

و هم لا يخضعون لنظام غير نظام القبيلة و لا يعرفون حكومة أو مملكة في غير الأسرة و العشيرة ، فكان مجتمعهم مجتمع القبيلة و الخيمة لا مجتمع الأمة و الشعب ، و كان لكل قبيلة رئيس هو شيخها و السيد فيها ، و هو عصبها و رباط وحدتها و الحكم في شؤونها و أفراد القبيلة متضامنون بنصرون أخاهم ظالما كان أو مظلوما ، و شعور البدوي بارتباطه بقبيلته يحميها و تحميه هو المسمى بالعصبية ، و كان سلطان الأب في بيته مطلقا يتصرف في امور أهله على هواه ، و كان للمرأة أن تشارك زوجها في امور الحياة و كانت موضوع إجلال في البيت كما كانت تتمتع بحظ وافر من الحرية و الإستقلال .

معارفهم و دياناتهم :

كان العرب في البادية قبائل رحالة ليس من وسائل العمران ما يتيح لهم التبحر في علم أو التبصر في دين ، و مع ذلك فقد حصلوا من المعرف ما لا بد منه لطرق عيشهم و أساليب حياتهم و كان ذلك عن طريق التجربة و الإختبار ، فكان لهم بالحساب و الطب و البيطرة كما كان لعرب الجنوب فوق ذلك معرفة بهندسة البناء ، و عمارة المدن و أساليب الزراعة و الصناعة ، و كان لهم معرفة بما يعينهم في بواديهم المقفرة و مجاهلهم المظلة ، و بما تصلح به أنفسهم و أنعامهم من استطلاع خفايا الجو و ألموا بعلم النجوم و اشتهروا بمعرفة الأنساب و الأخبار و وصف الأرض ، و الفراسة و اليافة و القيافة ، و الكهانة و العرافة ، و زجر الطير و غير ذلك .

أما دينهم ، فقد كان في الجاهلية من دان باليهودية و لا سيما في اليمن و مدينتي يثرب و خيبر ، و من دان بالنصرانية التي انتشرت فيما بين مناذرة الحيرة و غساسنة الشام و اليمن حيث توثقت في نجران ، و قد اختلف رهبانها إلى أنحاء فلسطين و شبه جزيرة سيناء و إلى أقصى الصحراء ، و فيما عدا ذلك فقد كان معظم العرب يدينون بالوثنية ، و كانت ديانتهم بدائية و خيالية من الميثولوجيا و اللاهوت ، ترتكز في أول عهدها على تقديس الحجارة و المغاور و الينابيع و الأشجار لاعتقاد العرب أن في تلك الأشياء المادية أرواحا ، و قد ألهوا جميع القوى التي لحظوها في الطبيعة ، كما أن نظرهم امتد إلى السماء فالهموا كواكبها حتى كان القمر محور الإعتقادات الفلكية الدينية الأولى لدى البدوي .

و فوق هذه الآلهة كلها كان للعرب ثلاث إلاهات هي مناة إلاهة الحظالتي عبدت في مكة و في قبيلة هذيل خصوصا ، ثم الآت كانت تدعى (( الربة )) و تبعد في الطائف ، و العزى ممثلة التي عبدت خصوصا في قريش ، و مان العرب بنحتون لآلهتهم أصناما من الحجارة تسمى انصابا ، كما كانوا يعبدون الحجر الأسود فى مكة و يجعلون فوقه الأصنام فوقه الأصنام المختلفة ، و كان للأنباط معبود شهير اسمه ذو الشرى ، و هو المعبود الأكبر اتخذوا له صنما حجرا أسود مكعبا .

و كان للعرب إلى جانب هذه الآلهة كاها و فوقها جميعا إله يعدونه خالق العالم ، و اسمه (( الله )) كما يعدونه بعيدا عنهم فيلجؤون إلى ما هو قريب منهم و محسوس ، من القوى الطبيعية ، و فكرة هذا الآله قديمة جدا عندهم قد تكون آتتهم من من أصلهم السامي .

غلا أن البداوة كان ضعيف العاطفة الدينية ، لا يقيم كبير وزن لما يختص بالدين ، و لهذا خلت آدب العرب إلى حد كبير من وصف ما كانوا يعبدون .

اخلاقهم :

كانت أخلاق العرب و لاسيما البدو منهم وليدة الصحراء و الحالة البدائية فالبادية التي كانت حصن البدوي و معتصمه دون هجمات الطامعين و الفاتحيف علمته أن يكون طليقا ينزع أبدا إلى الحرية و الإستقلال و لا يطأطئ راسه أمام نير أجنبي ، كما لا تخضع لقانون أو نظام .

و عيشة البدوي القشفة علمته أن يكون قنوعا ، صبورا على الشقاء و العناء ، كما علمته أن يستسلم للإنكماش في أحايين كثيرة فلا يسعى في تحسين حاله إصلاح بيئته و معيشته .

و عزلة البدوي أنمت فيه الروح الفردية فتعذر عليه أن يرفع مستواه إلى مصاف الإنسان الإجتماعي المعروف بنزعته الأممية ، و أبعدته تلك الروح عن الإخلاص لما فيه خير المجموع خارجا عن نطاق القبيلة .

ثم أن الأخطار المحدقة بحياة الصحراء علمت البدوي أن يكون شجاعا ، فهو أبدا غاز أو مغزو أو معرض لأحدى الحالتين ، و هو أبدا في قتال مع الأعداء من الناس و الحيوان و عوامل الطبيعة القاسية ، عصمته سيفه ، و حصنه ظهر جواده ، و عدته الصبر ، و أكثر ما تتجلي شجاعته في النزال و الدفاع و النجدة ...

و مع ما كان للبدوي من حسبان البادية ميدانا للفوضى و العبث ، فقد حافظ على فكرة الضيافة و الكرم ، يبعث عليها حرصة على جميل الذكر و تحصيل المحمدة و الرغبة في أن يعامل بالمثل ، في بلاد كثيرة المخاطر و المجاهل . و يتجلى كرمه خصوصا في إيقاد النيران و نحر الجزور و إضافة اللاجئ ، و كان في نفس البدوي إلى جنب الكرم كثير من الوفاء تبعث عليه المروءة و عزة النفس ، و قد تسوق البدوي عقيدته بالوفاء إلى بعث الحرب و بذل الأعز محافظة على قريب او جار أو مستجير .

زد على ذلك كله ما كان للبدوي من إباء للضيم ، و حرص على الحق إلى جنب استحلال القوي لغضب ، تحصل على صورة مصغرة للبدوي في ميدانه الفسيح و مسرحه الجاف المذيب .

ليست هناك تعليقات: