السبت، 30 أغسطس 2008

الشعر الأندلسي

نظرة عامة :

انتقال الشعر إلى الأندلس :

لقد تدفق العرب على الأندلس تدفقا شديدا ، و لن تمضي فترة من الزمن يسيرة حتى نرى البلاد تموج بالعرب موجا ، و قد حملوا معهم إلى الأندلس طبيعتهم الشعرية ، كما حملوا نزعاتهم العرقية ، و كان الشعر يحل حيثما حلوا ، و كان ينمو و يترعرع في انفجار طبيعي أشبه بانطلاق النور من قلب الشمس ، و في هذا الجو الجديد اتسع المجال لمواطن شعري جديد ، و إذا هنالك عالمان : عالم شرقي و عالم غربي ، عالم شرقي بشخصيته التي عرفناها و تتبعناها في أطوارها عبر العصور ، و عالم غربي بشخصيته تتكون شيئا فشيئا ، و يبدأ تكوينها يوم كان بشار و أبو نواس في الشرق يثوران على التقاليد الموروثة ، و يريدان شعرا شعبيا ينساق مع البيئة ، و ينضج بروح العصر ، عالمان عربيان : اصل و فرع ، و للأصل تاريخه و أمجاده ، و للفرع طموحه و آماله ، و قد نظر الغرب إلى الشرق نظر الفرع إلى الأصل ، و فيه عزم على مواصلة الحركة الشعرية في أوج ما وصلت إليه ، و فيه طمع في التقليد الحياتي و الأدبي ، و قد نفسه شئ من نقص ، و كان دائم التطلع إلى دمشق و بغداد و المدينة ، حتى انقلب و في نفسه شئ من نقص ، و حتى وهم أنه دون الشرق منزلة ، ثم قام فيها حكم يناوئ حكم العباسيين في بغداد ، ثم إن الغرب الذين هاجروا إليها امتزجوا بسكانها امتزاجا أفقدهم شيئا من عروبتهم ، و ساقهم إلى الرطانة في اللغة .
و ما إن كان القرن الحادي عشر حتى قويت الشخصية الأندليسية ، و حتى أخد الأندلسيون يعرضون شيئا فشيئا عن المشارقة ، و يجدون عندهم العالم و الأديب و الشاعر ، و يجدون عندهم من ينافسون به الشرق ، و قد أخذوا في جمع الشعر الأندلسي فوضع أبو الوليد الحميري كتاب (( البديع في وصف الربيع )) و أعلن في مقدمته أن الأندلس أصبحت في غنى عن أدب المشرق لما أتى به أدباؤها و شعراؤها من روائع القول ، و في أوائل القرن الثاني عشر وضع ابن بسام كتاب (( الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة )) و أراد فيه أن يكابر أهل المشرق و يصد أبناء الأندلس عت التطلع إليهم ، و يقدم الشواهد على أن العبقرية الأندلسية قد تفوقت في أمور كثيرة على العبقرية الشرقية ، و في الوقت نفسه وضع الفتح بن خالقان (( قلائد العيقان )) للغاية نفسها و في سبيل الغرض نفسه ، ظهرت كذلك دواوين الشعراء فكانت البرهان القاطع على عروبة الشعر الأندلسي و علو منزلته .

ليست هناك تعليقات: